إنكشاف حقيقة النظام والدور التركي في المنطقة/ راسم عبيدات

من بعد زيارة اوباما الى "اسرائيل" ونجاحة في تحقيق المصالحة التركية   ـ الإسرائيلية،حيث الاعتذار المتبادل بين الطرفين،بات من الواضح أن الوجه الحقيقي للنظام التركي يبان عارياً على حقيقته،ولم يعدي مجدياً تصنعه وإظهار نفسه بالداعم للقضايا العربية وبالذات القضية الفلسطينية،فهو كما هو حال فضائية "الجزيرة" مارس الخداع والتضليل من اجل أن يخطب ود العرب والمسلمين ويستميل عواطفهم ومشاعرهم ،من خلال مجموعة من الحركات البهلوانية والإستعراضية التي قام بها أردوغان،ويبدو أن قضية السفينة مرمرة التي أرسلت من قبل النظام التركي،تحت ذريعة وستار فك الحصار عن قطاع غزة في آيار /2010،ومن أجل إيصال المساعدات الإنسانية الى اهلنا المحاصرين هناك،كان لها أبعاد سياسية ومدلولات وتداعيات بدأت تتضح الآن،فالنظام التركي في قضية الأزمة السورية،متورط بشكل مباشر وله اهداف واطماع إستعمارية،حيث يوفر الدعم العسكري واللوجستي وحرية الحركة والعمل لما يسمى ب"الثوار" من أجل العبث بأمن سوريا وتخريبها،فالنظام من خلال عصاباته وما يسمى بالجيش الحر سرق وفكك المصانع التركية،وكذلك النفط والحبوب السورية،ولا يخفي أطماعه الإستعمارية،حيث عين المدعو فيصل الماظ والياً على ما يسمى بالمناطق المحررة من سوريا،وحسب الزعم التركي في التعيين،فهو جاء لتقديم المساعدة الإنسانية للتركمان السوريين،ولكن في الحقيقة تضخيم اعداد التركمان السوريين والذين لم يتجاوزا في احسن الأحوال 150 ألف شخص الى مليون شخص،يخفي خلفه أطماع ودوافع جغرافية وسياسية،فجماعة التتريك يحلمون بعودة إمبراطوريتهم وحكمهم للبلاد العربية،وهم موعودون من قبل أمريكا والغرب مقابل دورهم في سوريا بإقتطاع جزء من الأراضي السورية لصالحهم إذا ما سقط النظام في سوريا،بالإضافة الىمنحهم دوراً إقليمياً في المنطقة على حساب ايران.
ولم يعد يخفى عليكم الدور التركي في تعميق حالة الإنقسام في الساحة الفلسطينية،حيث يخطط أوردغان الى زيارة قطاع غزة،والزيارة ليست ذات مدلول وأبعاد إنسانية او تضامنية،بل لها أبعاد سياسية،ومن غير المستبعد أن تقدم تركيا والجامعة "المتعبرنة" بمبادرة من قطر ومصر الى منح مقعد السلطة الفلسطينية في الجامعة "المتعبرنة" وكذلك سفاراتها لحماس،كما حصل في مقعد سوريا والعديد من سفاراتها،فقطر تلعب دورا خطراً لا يستهدف فقط الساحة السورية،بل والساحة الفلسطينية أيضاً،ولعل التطورات على الساحة السورية والملف النووي الإيراني،وما حققه الجيش السوري من تقدم على صعيد توجيه ضربات قاسمة يستدعي ضرورة التنيسق بأعلى درجاته بين كل القوى المعنية بتدمير سوريا وتقسيمها وإضعافها،فنحن على سبيل المثال شهدنا ضغوطاً كبيرة مورست وتمارس على الأردن من قبل السعودية والولايات المتحدة الأمريكية،حيث دفعت لها السعودية مليار دولار مقابل السماح بنشر جنود أمريكان على أراضيها ونشر بطاريات صواريخ باتريوت،وكذلك تسهيل دخول أسلحة ثقيلة الى الشام لدعم عصابات الجيش الحر وجبهة النصرة،ناهيك عن السماح لإسرائيل بإستخدام الأجواء الأردنية لضرب القوات السورية،ويبدو أن الولايات المتحدة والتي تعد العدة لتدخل عسكري مباشر في سوريا،تريد أن ترتب أوراقها في المنطقة،لكل السيناريوهات المحتملة،سواء على الصعيد التفاوضي مع روسيا والصين،فيما يتعلق بكل القضايا العالمية والاقليمية وبالذات القضايا الكورية والايرانية والسورية،أو تدحرج الأمور الى حرب إقليمية في المنطقة،ومن هنا تكتسب قضية المصالحة التركية – الإسرائيلية أهمية خاصة بالنسبة لهذا الحلف،فتركيا تتخوف من إمتلاك ايران لسلاح نووي،وكذلك تبدي تخوفاً كبيراً من الإنعكاسات المترتبة على إندحار وهزيمة حلفاءها في الشام،ونفس التخوفات والهواجس موجودة عند اسرائيل،فهي تريد أن تمنع ايران من امتلاك سلاح نووي،وبالتالي إضعافها من خلال توجيه ضربة عسكرية لها،وأيضا لها مصلحة في إضعاف سوريا وتفكيكها،بما يضمن بقاءها
كقوة ضاربة في المنطقة متحكمة في المنطقة العربية كقوة إقليمية وحيده.والتقاء المصالح هذا دفع بالأمور نحو عقد مصالحة تركية -اسرائلية،حيث سيقود مستشار الأمن القومي اٌسرائيلي يعقوب عميدور غداً الثلاثاء في أتقرة محادثات عسكرية وأمنية مع القيادة التركية،يجري  بموجبها اغلاق ملف تعويضات قتلى وجرحى السفينة التركية مرمرة،من خلال الاتفاق على مبلغ التعويضات،وكذلك سحب اهالي الضحايا المحاكم من أمام القضاء التركي،والقضية الأهم في هذا الجانب،هي السماح بنشر قوة اتسرتيجية اسرائيلية على الأراضي التركية،واستخدام القاعدة التركية "اكينشي" في شمال غرب أنقرة،من قبل سلاح الجو الإسرائيلي للتدريب مقابل تزويد تركيا بمنصات تجسس وتكنولوجيا متطورة،وتدريب طياريها في قواعد سلاح الجو الإسرائيلي في النقب،وتزويدها بمنظومة الصواريخ الاسرائيلية "حيتس" بما يمكنها من التصدي للصواريخ الايرانية والسورية طويلة وقصيرة المدى.اذا بات من الواضح أن التنسيق والتعاون العسكري والأمني السري بين اسرائيل وتركيا،والذي بقي قائماً ومستمرا،رغم توتر وإنقطاع العلاقات الدبلوماسية الدبلوماسية بين الطرفين،قد عاد الى سابق عهده وبشكل علني،ويبدو أن أمريكا قد قدمت وعود وإغراءات الى تركيا،بأن تمنحها دوراً ووضعاً إقليماً في المنطقة،وربما أن تنال حصتها على ما تقدمه من خدمات في سوريا،على شكل أراض يتم اقتطاعها من الأراضي السورية لصالحها،ولذلك لم يعد يخفى ولا ينطلي علينا كعرب حقيقة الدور التركي في المنطقة،القائم على الخداع والتضليل،وما يخفيه من أجندات وأطماع وأهداف سياسية وجغرافية في المنطقة العربية وبالذات في سوريا،فالمرحلة القادمة ستكشف وتعري بشكل واضح حقيقة وطبيعة ودور هذا التظام في المنطقة.

CONVERSATION

0 comments: