بشار بن برد : المجدد العباسي الأول/ كريم مرزة الاسدي

 25- التجديد في الشعر العربي - العصر العباسي
 ما بين الجديد والتجديد :الجديد:
مع إطلالة بدايات العصر العباسي يجدّ ُ الجدّ ُ مع التجديد ، لا الجديد ، لأن الجديد ظاهرة تسير مع مسار الزمن ، والعين أبداً لا ترى المسقبل السديد ، ولا الماضي  الغابر منه والتليد ، يذكر ابن منظور في لسانه قول الهذلي - يعني أبا ذؤيب - معقباً بعده " : 
 وقالت لن ترى أبدا تليدا *** بعينك آخر الدهر الجديد
فإن ابن جني قال : إذا كان الدهر أبدا جديدا فلا آخر له ، ولكنه جاء على أنه لو كان له آخر لما رأيته فيه . والجديد : ما لا عهد لك به ، ولذلك وصف الموت بالجديد ..." (66) ، ونحن من حقنا أن  نعقب أيضاً : ربّما مع ابن جني بعض الحق عقبى رؤيته لمنطلق الشاعر الجاهلي المخضرم بالإسلام ، ولكن نستطيع أن نوجهه صوب القفزة الفكرية المبدعة ، ونقول : نعم - أيها المرحوم ابن جني - الدهر ابداً جديد ، وإن لم يتجلَ الأمر لك في عصرك التليد !!  فأين موقع آخر الدهر زمنياً ؟ - وإنْ أردت بمعنى آخر - متى تتم لحظة أخر الدهر ؟ هل في نهاية الزمن المطلق ، إذ لا زمن بعده ولا دهر ، فيأتي الجديد الذي لا نفقهه ، ولا ندرك ماهيته ؟! أم عند موت الإنسان ، وهو الجديد الذي لا لذة فيه  ؟  أم في اللحظة التي أنت فيها ، ولا تعلم ما بعدها شيئاً  ، وما يخبَأه القدر لك وللدنيا جمعاء ؟ فإذن في المعنى الأخير ، الدهر أبداً جديد ، وما بعد اللحظة المستجدة بمشيئة الله , لحظات خاطفة على طوال الدهر جديدة ، وإلى مثل هذا ذهب العبقري الخالد ابن الرومي ، مع إبدال كلمة  (جديد) بـ (حديث) ، فما (الحديث) إلا الحديث المباشر، أمّا ما قبله مباشرة ، فهو قديم ، اقرأ  قوله :
ولقد سئمتُ مآربي*** فكأن أطيبها خبيث ُ
إلا الحديث فإنه *** مثل اسمه أبداً حديث ُ
    والحديث آني جديد  ، وما أن يتفوّه المحدّث حتى تتلاقف آذان المستمعين الموجات الصوتية ، وينتهي الحديث الجديد ، ويبقى العقل يحلل منه ما يشاء ، ويركب منه ما يشاء ، إذ يخزن في خلايا الحفظ المخية إلى زمن يختلف من فرد إلى آخر لتذكره ، كلـّه أو بعضه ،  ولمّا كان الأمرهكذا ، فنحن أعجز من أن نسترد القديم ، ولو لحظة ، لذلك يقول أبو العلاء المعري :
أمس الذي مرَّ على قربه *** يعجز أهل الأرض عن ردّه.
التجديد :  معنى يجدّد في قاموس المعاني (قاموس عربي عربي) : جدَّدَ يُجدِّد ، تجديدًا ، فهو مُجدِّد ، والمفعول مُجدَّد ( للمتعدِّي) ، جدَّد الأديبُ (آداب) جاء بالجديد،وأبدع وابتكر" جدّد الشعراءُ المعاصرون في شكل القصيدة ،- حركة التجديد في الشِّعر مستمرّة ".
 جدّدَ  جدّدَ الشَّيءَ : صيَّره جديدًا حديثًا " جدَّد هواءَ الغرفة - أثاث بيته ، - جدَّدت الحكومةُ قطاعَ السِّكَّك الحديديّة ، - جدَّد أسلوبه الروائيّ " . (67)
فـ (التجديد ) الإنساني ، هو حصيلة فعل مقصود لفاعل هدفه التغيير المنشود ، لأن الإنسان بطبعه مجبول للتطلع نحو الأفضل ، لذلك يذكر الزبيدي في (تاج عروسه) : " يقال : بلى بيت فلان فأجدَّ بيتا من شعر، وأصبحت ثيابهم خلقانا وخلقهم جددا ..." (68)  ، ويروي المبرد في (كامله) عن  يزيد المهلبي قوله :
ليشكر بنو العباس نعمى تجددت *** فقد وعد الله المزيد على الشكر (69 )
إذن التجديد تمَّ على يد بني العباس على حد قول الشاعر ، ولكن من ورائه تقف إرادة الله غيباً  ، فبنيت بشكل مغاير متجدد مخالف لدولة بني أمية،وعادت مرّة ثانية إلى أهلها من بني هاشم، والحقيقة أن التجديد بادئاً هومصطلح فقهي إسلامي، قبل أن يطلق على الشعر ، وذلك لحاجتهم إليه لتجديد الوضوء ، وولاية العهد ، والفارق المهم أنّ التجديد في الشعر هو ابتكار وإبداع، وجاء صاحبه بجديد غير مسبوق ، ولا مطروق، بينما في حالة الوضوء وولاية العهد وغيرهما ، فالتجديد هو إعادة أو ترميم أو مبايعة لعمل سابق ، لا يتضمن معنى الابتكار والإبداع ،  ومن بعد سيطلُّ علينا مصطلح ( الحداثة ) في الشعر الذي نادت به مجموعة من الأدباء الفرنسيين من مختلف الأتجاهات في منتصف القرن التاسع عشر كشارل بودلير ومالا راميه واغوستاف فلوبير ، وبقى المصطلح لصيقاً بمرحلتهم ،  فقسم العصر إلى شطرين ، ما قبل الحداثة ، وما بعد الحداثة ، وإن زعم بعضهم قد بزغت شمس الحداثة في القرن السادس عشر الميلادي ، وسار على نهج الحداثويين من العرب يوسف الخال وأدونيس والدكتور عبد العزيز المقالح   ونترك الأمر لمّا يأتي الأمر.
وفي كلا الحالين التجديد أو الحداثة ، يجب أنْ يتمّا على أيدي مبدعين ، ويعرف هؤلاء المبدعون أنهم أتوا بجديد، ويعلنوا بشكل رسمي بإبداعهم وابتكارهم ، وإنْ لم يتعوّد القدماء على الإعلان الرسمي ، تاركين الأمر للنقاد كي يعلنوه ، وسيمر علينا ابن المعتز في بحثنا هذا ، ونرى أنه فقه الإبداع في (بديعه) ، وأشار إلى نفسه ، بأنه الرائد الأول في تصنيف كتابه الإبداعي !!
وفي كل زمان ، وبأيّ مكان ، يحدث صراع بين من يحمد القديم ويقدسه ، وبين من يناصر الجديد المتجدد وتطلعه ، قال ابن شرف القيرواني ( ت 460 هـ / 1168 م) ، وكان جديداً :
قل لمن لا يرى المعاصر شيئاً *** ويرى للأوائل  التقديما
إنً داك القديم كان جديدا **** وســـيغدو هذا الجديد قديما
ويعلل ابن الشرف نفسه سبب التقديم قائلاً :
أغري الناس بامتداح القديم*** وبذم الجــــديد غير ذميم
ليس إلا لأنهم حسدوا الحيّ***ورقـّوا على العظام الرميم (70).
والدنيا تدورغير حافلة بهذا أو ذاك ، فتترك الأمر لمن يحسم الصراع ، وتصفق لمن يحتلّ حلبة السباق ، وتدير وجهها لمن يحيطه الإخفاق !!
أهم مجددي العصر العباسي :
1 -المجدد العباسي الأول بشار بن برد (توّلد 96 هـ / 714 م - توفي  168 هـ / 785 م) :
 أ - نبذة من حياته:
 أول من بادر بالتجديد في العصر العباسي بشار بن برد ،إذ أخذ بعض أساليب ومضامين القصيدة المعهودة إلى منحى آخر فارضاً نفسه بقوة الشعر وتجديده الجميل ، إذ أذاب الصنع بالطبع ، والحداثة بالأصالة ، والبداوة بالحضارة ،والعلم بالشعر ، والمجون بالشموخ ، والخلاعة بالحكمة ، والبحور القصيرة الراقصة إلى جنب البحور الطويلة المهابة ، ولكن دون الخروج على عمود الشعر بمعانيه السامية ، ومطالعه البديعة ، وإن تغاضى أحياناً عن ألفاظه الرفيعة ، بحكم تداخل الحضارات ، والأجناس والأغراض الشعرية ، وفي كلّ ذلك كان مجدداً في أسلوبه العذب الرقيق  ، والمهاب الشامخ ، وفي معانيه السامية التي لم تُطرق من قبل توليده وخضرمته ، وفي ألفاظه التي قاربت أسماع العامة ، والشعب الجامع ، بعبارات سريعة المأخذ ، سهلة الحفظ ، وفي بديعه المصنوع المبتكر بفنونه ، وفي بحوره القصيرة الراقصة الخليعة ، وفي شعوبيته الجريئة الساخرة من الأعراب الذين استصغروا شأنه ، فهو مجدد في هجائه الساخر ، وغزله الخليع ، وفخره المنيع ،والشاعر العملاق كان مطبوعا، وصاحب صنعة شعرية ، وفناناً كبيراً في تخيّله وإيحاءاته وصوره الحسية الملموسة - وإن كان بصيراً ، ويأتيك بالتشبيهات الرائعة ، والصور المركبة ، مما يجعلك مبهوتا ، ونختم المقدمة بما رواه صاحب الأغاني عن الرياشي قوله :" سئل الأصمعي عن بشار ومروان أيهما أشعر؟ فقال: بشار؛ فسئل عن السبب في ذلك، فقال: لأن مروان سلك طريقاً كثر من يسلكه فلم يلحق من تقدمه، وشركه فيه من كان في عصره، وبشار سلك طريقاً لم يُسلك وأحسن فيه وتفرد به، وهو أكثر تصرفاً وفنون شعر وأغزر وأوسع بديعا، ومروان لم يتجاوز مذاهب الأوائل ..." (71)
 بشاربن برد كان يكنى  أبا معاذ  ، ويلقب بالمرعث ، لأنه كان في أذنه وهو صغير رعاث شأن بعض غلمان زمانه وهي الحلى التي تعلق بالآذان ، ولد في البصرة بالتاريخ أعلاه من أب طيان ، أصله فارسي من طخارستان غربي نهر جيحون ، وكان برداً مع امرأته ملكاً لامرأة عقيلية ، قيل أنها أعتقته من الرق ، فنشأ بين شيوخ بني عقيل الفصحاء ، وقوّم لسانه  حتى أصبحت لغته عربية خالصة ، ومن شعره الذي يفتخرفيه بعروبته المكتسبة حقّاً ، وبأصله الفارسي وراثة ، قوله :
ألا أيها السائلي جــــاهدا ******** ليعرفني أنا أنف الكرم
نمتْ في الكرام بني عامر*** فروعي وأصلي قريش العجم
عاصر الدولتين الأموية والعباسية ، فهو مخضرم ، كان ضريراً ، شريراً، ماجنا ، خليعاً ، حاقداً على الناس بسبب عماه ، ولكن قلب الصورة ، فأخذ  يفاخر بالعمى لكي لا يرى الناس  ، وكان القوم يخافون لسانه فيشكونه إلى برد أبيه فيضربه ضرباً شديداً فكانت أمه تقول : " كم تضرب هذا الصبيّ الضرير ،أما ترحمه ؟‍‍ ‍."،فيقول : "ويلي والله إني لأرحمه ولكنه يتعرض للناس فيشكونهُ إليّ " فسمعه بشّار فطمع فيه فقال له :" يا أبتِ إن هذا الذي يشكونه مني إليك هو قول الشعر ، وإني إن ألممت عليه ،أغنيتك وسائر أهلي ،فإن شكوني إليك ، فقل لهم : أليس الله يقول ( ليس على الأعمى حرج ) فلما عاودوا شكواه ، قال لهم برد ما قاله بشار فانصرفوا وهم يقولون : " فقه برد أغيظ لنا من شعر بشار" (72) ، هجا جريراً فأعرض عنه، و كان يقول : لو هاجاني لكنت أشعر الناس...!!
عاد للبصرة ، وكانت حاضرة عربية إسلامية ، حافلة بالفقه واللغة والشعر ، والقراءات ، والأحاديث ، والنحو ، والرواية ، والمنطق ، والكلام ، ...فأخذ كثيرا من علمائها وشعرائها ومتكلميها ، واتصل بواصل بن عطاء شيخ المعتزلة  وغيره ، و كان حاد الذكاء ، سريع الحفظ ، فنظم الشعر ، وهو في العاشرة (73) ،   وعندما مال إلى الزندقة والإلحاد ، اشتهر بذلك ، وتعرف على (عبدة) ، سيذكرها في شعره ، فنُفي من البصرة سنة (127 هـ  / 745م) تحت ضغط أهلها ، وفقهائها ، مثل واصل بن عطاء ، وصالح بن عبد القدوس ، وعمرو بن عبيد ، لتهتكه وزندقته ومجونه وعبثه ولسانه  ،حاول الأتصال بالخلفاء الأمويين ، وقصد سليمان بن هشام ، فرجع خائباً ، ، ورجع إلى والي العراق يزيد بن عمرو بن أبي هبيرة الفزاري ، ومقره الكوفة  ، فنال حظوة لديه ، وكرّمه ، لإعجاب الأمير بشعر الضرير ، وإجلاله لمدحه ،  وعندما قتل الأمير (132 هـ / 750م )  ، إثر قيام الدولة العباسية ، اختفى الشاعر ، ثم ظهر بالبصرة بعد وفاة واصل ، فشنّع  عليه مجدداًعمرو بن عبيد حتى نفاه من البصرة مرّة ثانية ، ولمّا توفي عمرو سنة 145 هـ ، رجع للبصرة ثالثة ، ورحب به أهلها، فمدح ولاتها ، وارتحل إلى بغداد ، ومدح الخليفة المنصور ، فلم ينعم بحظوته وهداياه ونعمه، للنزعة الأقتصادية التي كان يتمتع بها المنصور الدوانيقي لبناء الدولة ، ولكن لما قام الخليفة المهدي بالخلافة (سنة 158 هـ / 775م) ، قدم عليه بشار ، فمدحه ، ونال منه كرما وفيراً ، ومالاً جزيلاً ، ومشكلته اعتداده بنفسه ، وزهوه بشاعريته حتى الفجاجة ، فهجا وزراء الخليفة ، بل وصل إلى مقام الخلافة :
بني أمية هبوا طال نومكمُ ***** إن الخلـــيفة يعقوب بن داود
ضاعت خلافتكم يا قوم فالتمسوا***خليفة الله بين الزقِّ والعود
 وتمادى هذا البشار بالأمر، وكان كما يقول الأصمعي : ضخما عظيم الخلق والوجه مجدورا ، طويلا جاحظ المقلتين ، قد تغشاهما لحم أحمر ، فكان أقبح الناس عمى وأفظعه منظرا ، وكان إذا أراد أن ينشد يصفق بيديه ، وتنحنح وبصق عن يمينه وشماله ، وكان أشد الناس تبرما بالناس ، ومع كل هذه الصفات  الأصمعية للضرير ، أخذ يفحش القول للنساء ، بلا أيِّ ذرة حياء ، وكان الخليفة المهدي شديد الغيرة على النساء ، فحقدعلى بشار ، فتجمّعت عليه الضغائن ، ولم يتوقف الشاعر عن غيّه ، وبعد شربة سكر ماجنة ، قام  مصدّحاً بالأذان  قبل حينه ، فتفجر المهدي غيظاً، وكان يشنّ حملة ساحقة على الزنادقة ، فلفّه معهم لفاً ، فأمر به أنْ يُضرب بالسوط في البصرة ، فضرب بسبعين سوطاً حتى الموت ، ودفن فيها ، ويروي صاحب الأغاني ، لم يشيع جثمانه سوى أمة أعجمية سوداء ، هل تصدق أنت خبر المرحوم الأصفهاني ، وقد أفرد امرأة : أمة غير حرّة ، وأنثى وليس بذكر ، وأعجمية وما هي بعربية ، وهذه الصفات كانت لها مغزى كبير في عصرها، ناهيك عن عصرنا في بلداننا العربية ؟ أما أنا فلا أصدق ، والخبر أما أن يكون قد دسّه المؤرخ  الأدبي بقصد الإهانة لبشار ،  أو تجاهل تمحيصه لعدم الأمانة ، أو تغافل المعيار!    
   ب - حسن المعاني وتهذيب الألفاظ :
 يذكر ابن رشيق القيرواني في (عمدته) ، سئل بشار : " بم فقت أهل عمرك وسبقت أبناء عصرك : في حسن معاني الشعر، وتهذيب ألفاظه ؟ قال : لأني لم أقبل كل ما تورده علي قريحتي  ، ويناجيني به طبعي ، ويبعثه فكري ،  ونظرت إلى مغارس الفطن ،  ومعادن الحقائق ، ولطائف التشبيهات ،  فسرت إليها بفكر جيد ،  وغريزة قوية ، فأحكمت سبرها ،  وانتقيت حرها ، وكشفت عن حقائقها ، واحترزت عن متكلفها ، ولا والله ما ملك قيادي الإعجاب بشيء مما آتي به  " (74) ، كما قرأتَ فالرجل قد عجن الطبع الفطري لموهبته ، وإرهاف حسّه ، وفسجلة تكوينه النفسي لكونه من المولدين ، فارسي الأصل... بالخلق الإبداعي الفكري التخيّلي اللغوي لصناعته ، وتطويع لغته وفكره سبراً وكشفاً دون تكلف وإعجاب ، ولابد أن نشير أنّ بشاراً قد تفاعل واستوعبَ النهضة اللغوية والاجتماعية في عصره ، وعكسها في شعره ، فاعتمد على عمق الفكرة ، وأسلوب البيان  وعنصر المفاجأة ، والإحساس الإنساني الشمولي لتجاوز عقدة نقص التوليد العرقي ، لهذا بشار وأصحابه " زادوا معاني ما مرت قط بخاطر جاهلي ولا مخضرم ولا إسلامي ، والمعاني أبداً تتردد وتتولد ، والكلام يفتح بعضه بعضاً ..." (75)
 وبكلمة أخرى تأثر فيها ببيئة (البصرة ) الكلامية و الفلسفية والاجتماعية واللغوية ، فمزج بين أصالته البدوية حيث نشأ في أحضان بني عقيل الأعراب الأقحاح  الفصحاء ،  وبين حاضرة البصرة بفنونها وزخارفها وبساتينها وتنوع أجناسها،فاستمد الناس منه فاكهة رفيعة القيمة:  من راقب الناس لم يظفر بحاجته*** وفاز بالطيبات الفاتك اللهج
والرجل كان رائعاً في مطالع قصائده،ملهماً في وصفه رغم فقدان باصرته ،لا بصيرته ، دقيقاً في اختيار شوارد كلماته -مع بعض الشاذ من منظومه - متناسقاً في التوفيق بين ألفاظه البليغة ، وملائمتها للمعاني الشريفة ، وأنغامها الإيقاعية الشجية حتى قال  (الحاتمي) : إنّ أحسن ابتداء لشاعر محدث هو- يعني قول بشار - :
أبى طلل بالجزعِ أنْ يَتكلما *** وماذا عليهِ لو أجابَ مُتيما
وبالقاعِ آثارٌ بقينَ وباللوى*** ملاعبُ لا يغرفنَ إلا تَوهُّما (76)
تأمله ، وقد صكَّ سمعك بذكرى النفر الماضين في مطلعه ....لخولة أطلال ...متيم قلبها ...وسقط اللوى... رائحة الماضي تطيب الأنوف ، وكذلك برع في وصفه التقليدي حتى أنـّه رفع بالواقع إلى مستوى الخيال المبالغ المتحدي زهواً وفخرا، ولا ألومه على سمو فخره ، كما فعل بعض النقاد القدماء ، ممن لا يفقه جبلة الشعراء ، فيعدّهم سوية العلماء ! : 
اذا ما غضبنا غضبةً مُضريةً***هتكنا حجابَ الشمسِ أو قطرتْ دما
إذا ما أعرنا سيداً من قبيلةٍ *****  ذرى منبرٍ صلّى علينا وسَــــلما
ولم يكتفِ باستهلاله المتميز، بل أراد أن يصول ويجول بتشبيهاته الجاهلية المركبة في صورها المعقدة  حتى وصل امرأ القيس وجاراه مقلداً ومنازعاً ، وفاقه متفلسفاً متكلماً  :
وجيش كجنح الليل يزحف بالحصى***وبالشوك والخطى حمرثعالبُهْ
غدونا له والشمس في خدر أمها*** *تطالعنا والطل لــــم يجر ذائبُهْ
كأن مثار النقع فوق رؤوسنا *** **وأسيافنا ليــــــــل تهاوى كواكبُهْ
لهذه الموازنة العبقرية الفائقة بين أصالة القديم بفخامته وحداثة العصر بحضارته ، وحروف قوافيه السهلة النطق من ميم ونون وباء وراء ، بإطلاقها ، ووصلها , وحركاتها ، القابلة للإنشاد والغناء ، جعلت معاصريه يفضلونه ، فالأصمعي يعتبره (خاتمة الشعراء) (77) ، والجاحظ يعدّه الأشعر قائلاً :" وليس مولد قروي يعد شعره في المحدث إلا وبشار أشعر منه ..." (78) ، والجاحظ الكبير  ، يعني ما يقول ، فبشار حافظ على البنية التشكيلية للقصيدة  القديمة مهابة وضخامة وبلاغة ، وأدخل عليها من المضامين الجديدة إبداعاً ، تميّز به جمالاً ، فبقى خالداً في الحافظة العربية  ، بل يزيد القيرواني في (عمدته ) مؤكداً على أنه أفضل من أبي نؤاس ، الحسن بن هاني ، قائلاً : "  أشهرهم وأشعرهم بشار بن برد، وليس يفضل على الحسن مولد سواه..." (79) .
ج - أول مَن فتق البديع :
ولم يكتفِ القيرواني - وغيره ومما نحلل - بهذه الريادة الفنية ، والأفضلية الشعرية أن يمنحها لبشار ، حتى عندما آتى على البديع ، وتدرج منوهاً بروّاده الأوائل كالصريع المسلم ، وأبي تمام الحبيب ، والبحتري الوليد ، وابن المعتز العبد الله   ، ولكن  جعل بشاراً مفتقاً لهذا العلم ، ونلخص لك استشهاداً : "... فأما حبيب فيذهب إلى حزونة اللفظ، وما يملأ الأسماع منه ، مع التصنيع المحكم طوعاً وكرهاً، يأتي للأشياء من بعد، ويطلبها بكلفة، ويأخذها بقوة . وأما البحتري فكان أملح صنعة، وأحسن مذهباً في الكلام، يسلك منه دماثة وسهولة مع إحكام الصنعة وقرب المأخذ، لا يظهر عليه كلفة ولا مشقة. وما أعلم شاعراً أكمل ولا أعجب تصنيعاً من عبد الله بن المعتز؛ فإن صنعته خفية لطيفة لا تكاد تظهر في بعض المواضع إلا للبصير بدقائق الشعر، وهو عندي ألطف أصحابه شعراً، وأكثرهم بديعاً وافتتاناً، وأقربهم قوافي وأوزاناً، ولا أرى وراءه غاية لطالبها في هذا الباب، غير أنا لا نجد المبتدئ في طلب التصنيع ومزاولة الكلام أكثر انتفاعاً منه بمطالعة شعر حبيب وشعر مسلم بن الوليد؛ لما فيهما من الفضيلة لمبتغيها، ولأنهما طرقا إلى الصنعة ومعرفتها طريقاً سابلة، وأكثرا منها في أشعارهما تكثيراً سهلها عند الناس، وجسرهم عليها. على أن مسلماً أسهل شعراً من حبيب، وأقل تكلفاً، وهو أول من تكلف البديع من المولدين، وأخذ نفسه بالصنعة، وأكثر منها. ولم يكن في الأشعار المحدثة قبل مسلم صريع الغواني إلا النبذ اليسيرة، وهو زهير المولدين : كان يبطئ في صنعته ويجيدها وقالوا: أول من فتق البديع من المحدثين بشار بن برد، وابن هرمة، وهو ساقة العرب وآخر من يستشهد بشعره. ثم أتبعهما مقتدياً بهما كلثوم بن عمرو العتابي، ومنصور النمري، ومسلم بن الوليد، وأبو نواس. واتبع هؤلاء حبيب الطائي، والوليد البحتري، وعبد الله بن المعتز؛ فانتهى علم البديع والصنعة إليه، وختم به. وشبه قوم أبا نواس بالنابغة لما اجتمع له من الجزالة مع الرشاقة، وحسن الديباجة، والمعرفة بمدح الملوك. وأما بشار فقد شبهوه بامرئ القيس؛ لتقدمه على المولدين وأخذهم عنه، ومن كلامهم: بشار أبو المحدثين..." (80) ، ومن جديده ايضا حسن التعلل فهو يتناسى العلة الظاهرة ويلتمس علة أخرى طريفة مثل :
عميت جنينا والذكاء من العم***فجئت عجيب الظن للعلم موئلا
وكذلك في قصيدةٍ أخرى له ، يراها ابن المعتزفي (طبقات شعرائه) مثالاً حسناً لإحكام رصفه وحسن وصفه أولها :
جفا جفوة فازور إذ مل صاحبه *** وأزرى به أن لا يزال يصاحبـه
خليلي لا تستكثرا لوعة الهوى***ولا لوعة المحزون شطت حبائبه (81)
سمات البديع في البيتين جلية ، ففي البيت الأول تربّع الجناس غيرالتام مرتين (جفا : جفوة ، صاحبه : يصاحبه )   ، والتكرار في البيت الثاني في (لوعة ...) ، ولم يكن بشار قاصداً البديع ، وإنما البديع  جاء على لسانه عفوياً ، وكانت :"العرب لا تنظر في أعطاف شعرها، بأن تجنس أو تطابق أو تقابل، فتترك لفظة للفظة، أو معنى لمعنى، كما يفعل المحدثون، ولكن نظرها في فصاحة الكلام وجزالته، وبسط المعنى وإبرازه، وإتقان بنية الشعر، وإحكام عقد القوافي، وتلاحم الكلام بعضه ببعض (82) .
فذلكة الأقوال بشار فتق علم البديع ، ومسلم توسع فيه وأسس له اسما , وحبيب وضع منهجاً ، ووسِم به ، وابن المعتز صنف مؤلفا منه ،وأبدع فيه , أما دعبل وأبو نؤاس والبحتري , شرعوا به ، وتخلصوا منه منعاً للتكلف والصنعة  والإسفاف ، كما يزعمون ويقدرون .
د - الأبحر القصيرة الراقصة ، والطويلة المطربة الغناء ، وشعر الغزلالحسي المفضوح  :  
وبشار حبّذ الأبحر القصيرة الراقصة ، وأكثر منها بمجون وعبث ، ويروي ابن المعتز حادثة حدثت في عهد جدّه الرابع - لأن المتوكل جدّه الأول -  ولا أميل لذكرها بالتمام ، لأنّ مقدمتها تخدش حياء هذا الزمان !! ولكن الشعر شعر من بعد ، يقول ابن المعتز الذي استخلف ليلة واحدة ، وقتل فيها ( 296 هـ / 908 م) , قال المهدي لبشار : " أجز هذا البيت.
" أبصرت عيني لحيني " فقال بشار على البديهة :
 "أبصرت عيني لحين" **منظراً وافق شيني
سترته إذ رأتني  *****  تحت بطن الراحتين
فبدت منهُ فضول *****   لــــم توار باليـدين
فانثنت حتى توارت ***** بيـن طيٍّ العكنتين
فقال المهدي: والله ما أنت إلاّ ساحر، ولولا أنك أعمى لضربت عنقك ..." (83)
    بل حتى في أبحره الطويلة يتوخى الطرب والغناء ، , وننقل عن (طبقات ) المعتز نفسه  مما من غزله الطيب الحسن المليح قوله :   فـ " ، يعكس عن نفسية مليئه بالغرام والمجون 
يا منية القلب إنّي لا أسميك ِ***** أكني بأخرى أسميها وأعنيـكِ
يا أطيب الناس ريقاً غير مختبر***  إلاّ شهادة أطراف المساويك
قد زرتنا زورة في الدّهر واحدة **فاثني ولا تجعليها بيضة الديكِ " (84) .
 هل أنت معي تتأمل كيف يقتني الكلمات البسيطة العذبة الرقيقة  المحببة  من مسامع عامة الناس دون تبذّل لغوي ، بل بتطويع اللغة، و ببحر راقص قابل للغناء والطرب في عصره الطروب ، وبشعر حضري ناعم يهدهده على المكشوف ، لا حاجة للشكوى من الحرمان، ونقض العهد والهجران ، والتلميح والرمز ، وما جادت به عشتار من الأساطير وتموز ونيسان ، ولا أتركك دون لفت نظرك - وربما أنت الأدرى ، فالأمر شائع - أنّ بشاراً أول من جعل الأذن تعشق قبل العين أحيانا ً:
يا قوم اذني لبعض الحي عاشقة *** والأذن تعشق قبل العين أحيانا
قالوا بمن لا ترى تهذي؟فقلت لهم**الأذن كالعين توفي القلب ما كانا
وكأنّ الرجل يخشى منك أنْ تنسى أذنه ، وترى أعين الآخرين ، أوتحسب البصراء ببصيرتهم  دون إحساس... ، وإنَّ إحساسهم ليفوق إحساس البصراء بباصرتهم للتعويض عمّا نقصهم ! ، فابن برد لا يستحي مني ومنك حين يكرر المعنى صائحاً بنا :
فقلت دعوا قلبي وما اختار وارتضى**فبالقلب لابالعين يبصره واللب
وما تبصرالعينان في موضع الهوى**ولا تسمع الأذنان إلا من القلب
وهل تراه يكتفي بالمرتين ؟ كلاّ ...وألف كلا !! ، ولا تحسب - عزيزي القارئ الكريم - أن الرجل غافل عن التكرار ، وإنّما يصرّ على أننا لا ندرك ما يدور بخلده بعناد وإصرار، فيعود للمرة الثالثة ليرتل نشيده أمامنا ، ويعزف على الوتر قائلاً :  
قالت عقيل بن كعب إذ تعلقها*** قلبي فأضحى به من حبها أثــــرُ
أنّى ولم ترها تصبو ؟فقلت لهم ** إن الفؤاد يرى ما لا يرى البصرُ
وخلاصة الأمر كان مجدداً في معاني غزله الماجن، المترف في تصاويره الحضرية الناعمة ، الجديد في ألفاظه الموسيقية الناغمة ،يجمع إلى الدقة في تصويره لجاجة الشهوة ، وتباريح الهوى ، وإلى الرخاء في المحاورات الغرامية ، و إلى الواقعية في الوصف ، خيالاً ناعماً ، وغزله شديد الخطر على العفاف (85 ) ، لأنه حسّي مكشوف متهتك يخدّش الحياء  حتى لغير الخجول باعتباره الأمر واقعي ومعقول !!:
لا تعذلوني فإنّي من تذكرها  *** نشوانُ هل يعذل الصاحونَ نشوانا
لم أدر ما وصفها يقظان قد علمت***وقد لهوتُ بها في النومِ أحيانا
باتت تناولني فاهاً فألثمـــــهُ ******  جنيّة زُوّجت في النوم إنســانا
هذا وهو بصير ،  ماذا سيقول لو كان بصيرا...؟!!عجيب أمر البشار ، قال نمت ، وسيقول لم أنم  ، وهو راهي من الرجال , وسيستعطف (عبدته) غير العبدة  بقوله : " لو توكـّأت عليه لأنهدمْ " !! ، معان لم يسبقه إليها أحد , ولم يتناولها عصر عمرو ولبد ! ، تمتع : 
لم يطل ليلى ولكن لم أنم *** ونفى عني الكرى طيف ألمْ
 وإذا قلت لها جودي لنا  ***خرجت بالصمت عن لا ونعمْ
 نفـّسي يا عبد عنّي واعلمي *** أنني يا عبد من لحم ودمْ
 إن في بردي جسما ناحلاً ****  لـــو توكـّأت عليه لانهدمْ
ختم الحب لها في عنقي  *** موضع الخاتم من أهل الذممْ
ومما يقول ومن روائع الغزل العربي : 
بلّغوها إذا أتيتم حماها *** * أنني متُّ في الغـــرام فداها
واصحبوها لتربتي فعظامي****تشتهي أنْ تدوسها قدماها
رحمة ربّ لستُ أسأل عدلاً**رب خذني إن أخطأت بخطاها
دع سليمى تكون حيث تراني** أو فدعني أكون حيث أراها 
تركتك مع الأعمى الباصرة ، النافذ البصيرة ، وغزله... دون أنْ أغزله بغزلي ، فشعره واضح صريح ، واقعي مليح ، تذهب إليه راكضاً ، لا يحتاج دافعاً أو محللا ، وسمه بأنفاسه المتجددة .
هـ - التجديد في أغراضه الشعرية الأخرى من هجاء وسخرية وشعوبية   :
وشاعرنا المجدد  البصير ، العريق العقيلي في نشأته البدويه ، والفارسي الأصل في نزعته الشعوبية،المخضرم بين الدولة الأموية العروبية ، والدولة العباسية المنفتحة للتقافات الأجنبية ، والذي ترعرع بين قياسها اللغوي والشعري والفقهي  ، ونبذ الشواذ من الشواهد النحوية لمدرسته البصرية  ، وتلقف الأفكار الزراداشتية والمانوية ، وقـُتِل بسببها اتهاماً بعد رميه بالزدقة لدوافع سياسية ،أو مزاجية ، جدّد وقلـّد , جدّد كما لخص الفاخوري في (تاريخ أدبه) في هجائه  ، فهو يكثر من وصف المهجو بأوجه العار الشائعة  ، ويتعرض لنسبه العربي  ، ويجعل مهجوّه ضحكة ، وذلك في عبارة قريبة المأخذ ، سهلة الحفظ ، وأسلوب رشيق ، بل وصل إلى حدّ القذف والسباب , وهذا ما لم يفعله الشعراء  السابقون له . ولكن كان مقلداً في مدحه ، متكسباً في رزقه ، يميل مع ممدوحيه حيث يميليون، ويجاريهم بما ينزعون ، وبقصائد طويلة متينة رزينة جزلة ، مطالعها كما طلع علينا الجاهيلون والأولون ، يبدؤها بالنسيب والأطلال والخيل والترحال !! ولكن حين يفخر بنفسه وقومه الفرس يقسو على العرب أو الأعراب بسخرية مريرة  ، وعلى أغلب الظن كان سلاحه الحاد كردّ فعل مضاد ، لمن يستهين به وبشاعريته ، ومقدرته اللغوية  ،أقرأ عن القوارير والدنانير والزنابير !! :
ارفق بعمرو إذا حركت نسبتهُ  ******** فإنـّه عربيّ ٌ من قوارير ِ
ما زال في كير حدادٍ يردّدهُ *********  حَتَّى بَدَا عَرَبِيًّا مُظْلِمَ النُّورِ
إِنْ جَازَ آباؤُه الأَنْذَالُ في مُضَرٍ*** جازت فلوس بخارى في الدنانير
واشدُدْ يَدَيْكَ بِحَمَّادٍ أبي عُمَر ********* فإِنَّــــهُ نَبَطِيٌّ مـــن زنابير
ويروي صاحب الأغاني :  " دخل أعرابي على مجزأة بن ثور السدوسي وبشار عنده وعليه بزة الشعراء فقال الأعرابي من الرجل فقالوا رجل شاعر فقال أمولى هو أم عربي قالوا بل مولى فقال الأعرابي وما للموالي وللشعر فغضب بشار وسكت هنيهة ثم قال أتأذن لي يا أبا ثور قال قل ما شئت يا أبا معاذ فأنشأ بشار يقول :
  ِسأخبر فاخر الأعراب عني****** وعنه حين تأذن بالفخار ِ
 أحين كسيت بعد العري خزاً *** ونادمت الكرام على العقار
تفاخر يابن راعيةٍ وراع ٍ**** بني الأحرار حسبك من خسار
 وكنت إذا ظمئت إلى قراح ٍ *** شركت الكلب في ولغ الإطار
تريغ بخطبة كسر الموالي ******  وينسيك المكارم صيد فار ِ (86)
لم يسبق أحدٌ بشاراً بمثل هذه الجرأة  ، والتطاول على العرب ، ولكن هذا الشعر أغراه بالتمادي ، بعد أن وجد باب الحرية مفتوح على مصراعيه ، والدولة منشغلة بالقضاء المبرم على الأمويين في عصر السفاح  ، ومن بعد ثورتي النفس الزكية في المدينة  وأخيه إبراهيم في البصرة (145 هـ - 762 م) ،  ولما قام المهدي بالخلافة ( 158 هـ )  ، وبالرغم من أن الشاعر مدحه ، لم ينفعه المديح  حتى وقع في مصيدة الزندقة ، فقتل  ضرباً بسياط البصرة مذموماً ، بالتاريخ أعلاه .
هل تطلب المزيد من أخبار بشار المجدد المجيد ؟ أمّا نحن فرأينا أن  نكتفي بالبيت العجيب أدناه، وشكراً لكم للإطالة بكلِّ ما أوردناه !!

CONVERSATION

0 comments: